أريد رجلاً… مسلسل أعرج في أولمبياد الدراما الرمضانية

في جميع اللقطات تخفي أظافرها الطويلة مرة تحت أكمام طويلة جداً ومرة  تحت شال أسود لا يوجد مبرر لحمله

في جميع اللقطات تخفي أظافرها الطويلة مرة تحت أكمام طويلة جداً ومرة تحت شال أسود لا يوجد مبرر لحمله

أريد رجلاً… مسلسل أعرج في أولمبياد الدراما الرمضانية

إقبال التميمي

انتهى رمضان وانتهت معه فترة هدنتي مع نقد الدراما العربية ووعداً قطعته على نفسي بأن التزم الصمت بكافة أشكاله حرصا مني على تقليل منسوب استيائي من أخطاء درامية يمكن تلافيها بسهولة.

من حسن الحظ أن الشيطان كان مكبلاً في الشهر الفضيل ولم يهز وتد ابليس الذي يسند خيمة القرف المهلهلة المصنوعة من نسيج مسلسلات الدراما العربية لهذا العام رغم الانتظار. إذ يحرم منها المشاهد طيلة العام ليتم تسميمه بجرعة مضاعفة من المسلوق منها في رمضان من خلال قائمة تزيد عن مائة عمل تتنافس على شريحة من مشاهدي مختلف القنوات. لكن بعد ثبوت رؤية هلال العيد، قررت التشمير عن ساعد النميمة الإعلامية بنيّة تفتيت بعض هذه الأعمال وتفليّتها تحت مجهر فضح ما يستغبي المشاهد. وأبدأ اليوم بمسلسل “أريد رجلاً”.

بعد أن لمع نجم الفنان الأردني إياد نصار من خلال أدواره الدرامية في الأمين والمأمون، الإجتياح، الحجّاج، أبو جعفر المنصور، والجماعة وغيرها من أعمال تستحق الإشادة بها. وبعد أن فلت من قبضة التحكم في الدراما المحلية الأردنية التي يمسك بزمام رقبتها المنتج الأردني عدنان العواملة ويبدأ برحلة المغامرة الانتحارية في سوق صناعة الدراما في مصر حيث يشتد التنافس. انحدر دون أدنى خطوط موهبته عندما قبل بدوره في مسلسل أريد رجلاً، حيث يتم استهبال المشاهد في أكثر من وقفة في سيناريو عكس صورة مبالغ فيها عن المجتمع في مصر. حيث ترجّل عن فروسيته التمثيلية واستبدلها بعكاز الوسامة.

“أم عزت” والدة الفتاة الريفية المفتونة بالبطل، تبدو صغيرة السن، ترتدي عدسات لاصقة ملونة تعكس عيونا زرقاء

لعبت الممثلة “مريم حسن” دور زوجة الممثل “إياد نصار”، أمينة عزت، في المسلسل. وكان دلعها المبالغ فيه ينكش بوابة المعدة كلما هدأت. إضافة إلى المجاملات المفرطة وغير الواقعية  بينها وبين شخصيات من لعبوا دور والدها ووالدتها وخالها، وعدم استخدامها لكلمة تعني والدي أو والدتي عند مخاطبة أبويها طيلة المسلسل واستخدام الأسم الأول أو أسماء الدلع عند مخاطبتها والدتها “نوغه” ووالدها “زيزو” بهدف توصيل رسالة أنها نشأت في بيئة صداقة وانفتاح مع والديها. لكن أظن أن مثل هذا التوجه يترجم من قبل المشاهد العربي على أنه تجاوز لحدود الاحترام وقلّة تربية. حركات الغضب الطفولية التي كانت تقوم بها لا تليق بشخصية من تمثل دور مذيعة راديو ناضجة وخصوصاً أمام زوجها الذي يتقبل جميع حالاتها بقلب راض. هذا الأداء لم يكن ليعكس الواقع خصوصا وأن زوجها في المسلسل رجل نيابة يعمل في مهنة أمنية شاقة إضافة إلى نشأته في بيئة صعيدية لا تسمح بكمية المطاطية الممنوحة لحدود الدلع المبالغ في مساحته في أداءها. الطبطبة عليها بشكل مستمر من قبل كل من حولها كان مملاً ولا تبتلعه معدة عادية ولا تخرطه مخرطة ملوخية تأرجحت سنوات فوق الأوراق بجميع أشكالها، خصوصا وأن المسلسل لم يعكس أنها تملك ما يميزها عن غيرها من النساء ممن هن ضمن ذات فئتها العمرية أو الاجتماعية.

أما النجم “أحمد عبد العزيز” الذي لعب دور الأب، جاءت ضحكاته ومجاملاته مفتعلة وأشبه ما تكون بحركات ارتداد لزمبرك يتناوب فيه الضغط والإفلات بشكل فجائي ليغطي على ضعف الأداء.

الممثلة

الممثلة “ندى بسيوني” بدت أكثر صباً وشباباً وجمالاً من ابنتها

لعبت الممثلة “ندى بسيوني” دور نجوى زوجة الممثل أحمد عبد العزيز، وبدت أكثر صباً وشباباً وجمالاً من ابنتها مما يثير بعض التساؤل حول مدى صحة اختيار لاعبات الأدوار النسائية. خصوصاً وأن الممثلة التي لعبت دور “أم عزت” والدة الفتاة الريفية المفتونة بالبطل، تبدو صغيرة السن، ترتدي عدسات لاصقة ملونة تعكس عيونا زرقاء وشعرها المنسدل في بعض المشاهد يعكس معالجة كوافير واضحة لكل ذي مقص، إضافة الى ارتداءها عصبة الرأس التي ارتدتها على الحد الفاصل بين شعرها وجبينها كما تفعل عارضات الأزياء وليس كما ترتديها نساء الريف المصري. أما صديقة ابنتها، ثريا، الفلاحة التي تعمل خادمة في البيت الكبير، كانت في جميع أدوارها تخفي أظافرها الطويلة مرة تحت أكمام طويلة جداً ومرة أخرى تحت شال أسود لا يوجد أي مبرر لحمله لأنها ترتدي منديل آخر على أي حال. بينما الكاميرا فضحت أظافر الممثلة ميار الغيطي عندما ظهرت بمانيكيور فرنسي رغم معيشتها في غرفة في الريف مع والدتها الخياطة. الشخصية النسائية الوحيدة التي لعبت دورها باقتدار وحرفية مهنية ودون سقطات، كانت الممثلة “سهر الصايغ” التي لعبت دور صديقة أمينة. عندما عكست شخصية الإنسانة الحساسة المترددة في أخذ قرارها بالارتباط. وتعاني شكوكاً تجاه من يبدي اهتمامه بها نتيجة توهمها بأنها متواضعة الجمال رغم ذكاءها وجمالها الهاديء وطبيعتها الطيبة.

الدراما العربية ما زالت قاصرة عن ترجمة حالات الغضب والتوتر واليأس دون اللجوء الى استعارة السيجارة

الدراما العربية ما زالت قاصرة عن ترجمة حالات الغضب والتوتر واليأس دون اللجوء الى استعارة السيجارة

القصة تحاول الإشارة الى أن والد أمينة تزوج والدتها وترك حبيبته السابقة التي يذوب فيها عشقاً وتنازل عن مستقبله وأصبح داعماً لزوجته تماماً، يعمل مصححاً لكتاباتها بدلا من الاستمرار في كتابة أعماله، لسبب لم تتم الإشارة اليه في المسلسل كما لم تشر إلى مبرر تحمله لنظرتها الدونية له وصبره عليها مما جعل الدور مبتوراً وفيه هوة أعمق من حفرة الانهدام. لكن أهم ما في هذه النقطة أنها كشفت عن ضعف أخلاقيات زوجته المهنية دون قصد. إذ تمتهن الصحافة وتعمل محررة لمجلة ومع هذا ترضى أن يكتب زوجها مقالاتها نيابة عنها.

الممثلة القديرة “سهير المرشدي” لعبت دور الحماة الصعيدية المسيطرة. لكن السيناريو جعل من دورها أكبر إهانة لأهل الصعيد من خلال تساؤلاتها الغبية رغم قوة شخصيتها في الدور وقدرتها الفائقة على إدارة الأسرة واختيار الفاظها كديبلوماسي محنّك على مائدة المفاوضات. عندما كانت تقول أن ابنها لو تزوج إحدى بنات قريته لا بد وأنه كان سينجب ذكراً بدلا من الأنثى التي أنجبتها زوجته “اللي من مصر”. غلطة لا تغتفر، ولا يمكن غسل أدرانها حتى لو تم نقع السيناريو بماء الكوثر وتم شطفه في مياه مقطرّة من ندى السماء سبعة مرات. هل يعقل أن تفكر أي امرأة بدهاء من لعبت دور والدة وكيل النيابة بهذا الأسلوب؟ هل يعقل بأن تفكر الشخصية التي لعبتها المرشدي بأن ابنة القرية تنجب البنين وابنة المدينة تنجب الإناث رغم أنها هي ذاتها أنثى وهي وليدة القرية؟

ترجّل إياد نصار عن فروسيته التمثيلية في مسلسل أريد رجلاً واستبدلها بعكاز الوسامة

ترجّل إياد نصار عن فروسيته التمثيلية في مسلسل أريد رجلاً واستبدلها بعكاز الوسامة

ما زالت قصباتي الهوائية تصفّر من معاناتي نتيجة مشاهدة الكم الهائل من السجائر التي دخنها الرجال المشاركين في المسلسل. هل يعقل بأن الدراما العربية ما زالت قاصرة عن ترجمة حالات الغضب والتوتر واليأس دون اللجوء الى استعارة السيجارة؟

By Iqbal Tamimi
Director for Arab Women Media Watch Centre in UK
Follow us on Twitter @ArabMediaWatch

http://awmwc.net/
مديرة مركز المرأة العربية لمراقبة وسائط الإعلام 

7 thoughts on “أريد رجلاً… مسلسل أعرج في أولمبياد الدراما الرمضانية

  1. المسلسل مأخوذ عن الرواية الرائعة لنور عبد المجيد اريد رجلا،لم اعجب بنقد الكاتبة المبالغ فيه فلو قرأت الرواية بتمعن لاجابت ببساطة عن كل تلك التساؤلات ولكن من الواضح انها لم تقرأ الرواية الاصلية

  2. نسمة..النقد لا يتعلق بالكتاب وإنما بالدراما. ترجمة الكلمة المكتوبة إلى عمل درامي أخفق في عدة نقاط وهذا المجال هو تخصصي. إلقاء الضوء على ضعف الدراما في حالة التمثيل. أشكرك على مشاركتك الرأي.

  3. أعجبت بنقده جدا فهو موضوعي وأظهر نقاط عديدة عن هذا المسلسل الذي مع الأسف اضطررت لمشاهدته مرة ثانية لان تعليقات المشاهدين عنه جعلتني أشك في تقديري له ، ولكن لم يكن علي ان أشك أبدا فالحوار ساذج جدا وبه ركاكة فجة والإخراج ممل وبطيء والحبكة الدرامية غير متقنة وغير مقنعة لا تليق بأسماء النجوم الذين يشاركون في العمل

  4. والله ياجماعه مسلسل مثير للاسمئزاز ومخرج ابتدائى جاب حلقه كاملة الفرح بتاع سليم وامينة رغم انه كان ممكن يختصرة بس فقر الاحداث عندة خلاه يعمل كدة وحوار بطئ وممل وماتفهمش المسلسل عاوز ايه يشلنا مثلا كمية نحنحه وسهوكة تموع النفس

  5. الكلام صحيح عرس امينة وسليم أخذ حلقة كاملة تقريبا وهي مجرد ليلة بينما حمل امينة لابنتها الثانية ووالدتها لم يأخذ اكثر من مشهدين غريبة .👎

  6. تحدثت سيظتي الناقدة بالضبط عما يدور بداخلي..لعب إياظ نصار دورا أكبر من العمل نفسه..العمل ببساكة سطحي ولا يرقى إلى المستوى المطلوب لدرجة أني لم أتمكن من إكمال نصفه. أختلف معك في نقطة واحدة أنك استغربت معايرة الحجة لأمينة او نقدها لها بإنجاب البنت..ألا تعتقدين أن ثقافتنا تربي البنت أيضا على انقاص قيمة الأنثى والتقليل من شأنها مهما كانت ومهما أنجزت في مقابل (الذكر) مهما كان..

  7. نعم أتفق مع حضرتك بأن النساء في مجتمعنا نشأن على أن قيمة الأنثى أقل من قيمة الذكر. هذا الأمر متوارث من المجتمعات القديمة حيث كان عدد الرجال في القبيلة مهم لأنهم يشاركون في الغارات والحروب على القبائل الأخرى. كذلك خشية سبي واسترقاق النساء مما يجعل القبيلة تشعر بالعار. لكن في هذا العصر لا يوجد مبرر على استمرار هذه التربية وعلى الجميع تثقيف المجتمع وخصوصاً النساء على أهمية المساواة التامة بين الذكر والأنثى. أشكر حضرتك على المشاركة بالرأي.

أضف تعليق